عبودية العصر الحديث / محمد المصطفى النونُ
“شوفولكم حل يا اشتغل يا دور على شغل”.
جملة فكاهية قالها الممثل المصري محمد هنيدي في أحد أفلامه، إلا أن الأيام أثبتت لدي أن لها دلالة قوية، تَسقط على واقع كثير منا، ورسالة مبطنة نفهم من وراءها أن ما كل عمل يلبي حاجة الإنسان، ويجعله فخورًا بأن يصف نفسه بالعامل أو المشتغل أو الموظف.
بعض الأعمال لا تلبي لنا أي حاجة، هي فقط تجعلنا مقيدين بحيث نرهن أنفسنا لصاحب الحانوت وللجزار والخضرواتي وغيرهم، مقابل دراهم معدودة نقبضها لندفعها لهم، دون أن نبني مستقبلا يجعلنا في مأمن من متغيرات هذه الحياة وتقلباتها.
في المقابل تضيع الساعات والأيام والأشهر والأعوام ونحن نبحث عن مجهول، لا نحن وجدناه، ولا سلكنا طريقًا يقربنا منه.
طالعت مؤخرًا ترتيبًا للبلدان من حيث الحيز الزمني الذي يستطيع فيه الموظف جمع مليون دولار من الوظيفة، وجدت مصر في المرتبة قبل الأخيرة حيث يحتاج فيها الموظف 603 سنوات، وموريتانيا خارج التصنيف، ما يعني أن العامل فيها لا يمكنه جمع مليون دولار من الوظيفة ولو عاش ألف سنة، إلا إذا سلك طريق الرشوة وأكل الحرام.
– الوظيفة هي عبودية العصر الحديث.